من أسماء الله الحسنى : ( القريب ) :
1 – ورودُ اسم ( القريب ) في القرآن الكريم مقترنا بغيره من الأسماء :أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، وهو اسم ( القريب ) ، وقد ورد اسم الله ( القريب ) في القرآن الكريم مطلقاً منوناً ، مرادا به العلمية ، دالاً على كمال الوصفية ، ومقترناً باسم الله المجيب ، كما في قوله تعالى :
(فاستغفروه ثم توبوا اليه ان ربى قريب مجيب)
( سورة هود )
واقترن باسمه السميع ، في قوله تعالى :
(قل ان ضللت فأنما اضل على نفسى وان اهتديت فبما يوحى الى ربى انه سميع قريب)
( سورة سبأ )
2 – ورودُ اسم ( القريب ) في القرآن الكريم مفرَدًا :ورد هذا الاسم أيضاً مفرداً في قوله تعالى :
(واذا سالك عبادى عنى فأنى قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان)
( سورة البقرة الآية : 186 )
3 – قربُ الله قربُ علمٍٍ وقدرةٍ :
أيها الإخوة ، هذا الاسم له قرب من الإنسان شديد ، المعنى أنك إذا أيقنت الله معك فلن تستطيع أن تعصيه ، بل حينما تشعر أن قرب الله قرب علم ، وأن قرب الله قرب قدرة لا يمكن أن تتجاوز أمره
(الله الذى خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا)
( سورة الطلاق )
فعلّة خلق السماوات والأرض أن تعلموا .
(ان الله على كل شئ قدير وان الله قد احاط بكل شئ علما)
( سورة الطلاق )
4 – قربُ الله يستلزم معيّته :حينما توقن أن علم الله يطولك ، وأن قدرته تطولك ، وأن قرب الله قرب علم ، وأن قرب الله قرب قدرة ، أنت في قبضته ، وعلمه يطولك ، وقدرته تطولك ، فكيف تعصيه ؟ حتى إنه قد قيل : أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان .
(وهو معكم اينما كنتم)
( سورة الحديد الآية : 4 )
وهو مع المؤمنين بالحفظ ، والتأييد ، والنصر ، التوفيق .
فلذلك أيها الإخوة ، ورد في مرتبة الإحسان :
(( أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ )) .
[ مسلم عن عمر بن الخطاب ]
أحياناً يكون الإنسان قريباً منك ، يلازمك كظلك ، لا يفارقك ، مهما يكن محبوباً تضجر من قربه ، تقول : دعني وشأني ، أيّ إنسان إذا لازمك ورافقك لا تحتمل قربه ، تحتاج من حين لآخر ألا أن تنفرد بنفسك ، ومع أن الله معنا في كل وقت ، وفي كل حين ، وفي كل شأن :
لكن معية لطيفة لا تشعر بثقل وجوده ، بل تشعر براحة وجوده .
5 – قربُ الله أكبر ضمان لاستقامة العبد :فلذلك أعلى درجة من الإيمان أن تشعر أن الله معك ، وأكبر ضمانة للاستقامة أن تشعر أن الله معك ، وأكبر باعث للخشية أن تشعر أن الله معك ، وأكبر مُطمئِنٍ لك أن تشعر أن الله معك .
(قال اصحاب موسى انا لمدركون)
( سورة الشعراء )
بالموازين الأرضية لا أمل ، فرعون بقوته ، بجيشه ، بطغيانه ، بحقده ، بجبروته ، يتابع نبياً مع شرذمة قليلين من بني إسرائيل ، إلى أن وصلوا إلى البحر ، وانتهى الأمر ، بالموازين الأرضية لا أمل في النجاة أبداً .
(قال اصحاب موسى انا لمدركون *قال كلا ان معى ربى سيهدين)
( سورة الشعراء )
معية الله للمؤمنين معية النصر ، معية التوفيق ، معية التأييد ، معية الحفظ ، ومعية الله لأي إنسان كائناً من كان ، حتى ولو كان ملحداً فهو معه معية العلم :
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴾
إما أن تكون المعية معية علم لكل خلقه ، وإما أن تكون المعية معية توفيق ، وحفظ ، وتأييد ونصر .
معية الله لها ثمن : إلا أن المعية الخاصة لها ثمن ، ولا شيء بلا ثمن .
(وقال الله انى معكم لئن اقمتم الصلاة واتيتم الزكاة وامنتم برسلى وعزرتموهم واقرضتم الله قرضا حسنا)
( سورة المائدة الآية : 12 ) .
معية الله عز وجل لها ثمن ، وأعلى درجة الإيمان أن تشعر أن الله معك ، قريب منك ، هو أقرب إليك من حبل الوريد ، قال بعض العلماء : أقرب إليك من روحك .
امسك قطعة كهربائية ، وضمها إلى صدرك ، وضمها ضماً شديداً ، مهما تكن قريباً منها ، ومهما تكن قريبة منك ، مهما شددت عليها ، الذي أقرب إليها منك القوة الكهربائية التي تحركها ، لكن الله سبحانه وتعالى ، ولله المثل الأعلى أقرب إليك من القوة التي تمدك بالحياة .
يتبع